آيلا بنت الحرب
قصة فيلم تركي راقي
بقلم
أحمد النجار
كاتب مصري
لا أدري من أين أبدء معكم قصة الفيلم التركي الراقي
جدا آيلا بنت الحرب !
استمتعت علي مدار ساعتين وأكثر بقصة إنسانية
حقيقية وقعت أحداثها في جمهورية كوريا الجنوبية ، بعد انتهاء الحرب العالمية
الثانية بخمسة أعوام ، يعني سنة 1950
والله العظيم لقد تحسرت كثيرا علي الفن المصري
والعربي العاجز ، عشنا عمرنا كله أكثر من نصف قرن ونحن نشاهد فن هابط للحضيض ، كل
قصص أفلامهم العربية تافهة ، والأبطال من أمثال المدعو عادل إمام كل أفلامه تافهة
بداية من فيلم رجب فوق صفيح ساخن حتي مسرحيته البلهاء الواد سيد الشغال !!!
الآن يعيش عادل إمام يعاني من الزهايمر وفي أواخر
عمره !
حسابه عند الله عسير جدا جدا جدا ، لأنه بفنه
الهابط ساهم في تدمير العقول العربية للمشاهد المصري والعربي !
ذلك هو الفن المصري والعربي الفاشل !
أقصد كل الأفلام المصرية والعربية وكذلك كل
المسلسلات المصرية والعربية وأكيد كل المسرحيات المصرية !
شاءت الأقدار أن يقع في طريقي الفيلم التركي
الهادف والراقي آيلا بنت الحرب .
الفيلم عن قصة حقيقية لأحد الجنود الأتراك الذين
شاركوا في تحرير كوريا الجنوبية من الاحتلال الصيني والشيوعي .
ذلك هو بطل الفيلم الرقيب سليمان التركي الذي
عشنا معه أحداث 60 سنة كاملة منذ أن وجد في ساحة المعركة الطفلة الكورية سولا وهي
تمسك بيد أمها المذبوحة ويد أبيها المذبوح وكل أهل القرية مذبوحين بيد المجرمين
الصينيين !
ساعتها قرر سليمان علي الفور حماية الطفلة مهما
كان الثمن ، وبالفعل حملها فوق كتفه ورجع إلي زملاؤه الجنود ، وقد تعجبوا هم
كثيراً من فعل سليمان وكيف سيرعى تلك الطفلة المسكينة خلال المعارك الحربية ؟!
طفلة كورية عمرها خمس سنوات فقط اختار لها اسم
آيلا
بالطبع اعترض قادة سليمان الأتراك علي أن تستمر
الطفلة مع سليمان طول الوقت ، ولكن الطفلة البريئة آيلا كانت قد تعلقت بالرقيب
سليمان كثيرا ولا تتركه أبدا أينما ذهب !
وقعت معارك حربية كثيرة والطفلة الكورية آيلا لا
تترك الجندي التركي سليمان أبدً وتقول له بابا !
كانت كل المعارك الحربية تدور في كوريا الجنوبية
تحت رعاية العلم الأمريكي ، وقد ضحي المئات من الجنود الأتراك بأراوحهم لتأدية
رسالة الجيش التركي في الدفاع عن الأمم المقهورة ، وكان رد فعل الشعب الكوري
الجنوبي هو التقدير الكامل للشعب التركي العظيم .
ذات يوم أخبره مساعده صدقي بأن أهل الطفلة آيلا
يطلبونها وأنهم من سكان المنطقة المجاورة لهم ؛ وافق الرقيب سليمان علي تسليم
الطفلة لأهلها ولكن بعد أن يذهب بنفسه لزيارتهم ليطمئن علي أوضاعهم ، لكن مساعده
صدقي حذره من الذهاب إليهم بمفرده وهو لم يسمع نصيحته !
ذهب الرقيب سليمان إلي عنوان البيت المكتوب في
الورقة وبمجرد أن نقر نقرات خفيفة علي الباب فتحت
له امرأة كورية تحمل علي كتفها طفلة ،وبمجرد أن دخل سليمان البيت وقع في الكمين
المنصوب له من الجنود الصينيين ، وكادوا بالفعل أن يقتلوه لولا تدخل زملاؤه من
الجنود الأتراك وأنقذوه في آخر لحظة !
قام الرقيب سليمان بتعليم الطفلة اليتيمة آيلا
القراءة والكتابة باللغة الكورية ثم باللغة التركية وحانت اللحظة الحاسمة للفراق
بين سليمان وآيلا عندما جاءت الأوامر بعودة الفوج التركي المقاتل إلي بلاده بعد
مرور عام كامل عليهم في كوريا الجنوبية وسوف يحل محلهم فوج جديد من المقاتلين
الأتراك !
ساعتها شعر سليمان بحزن شديد لمفارقته آيلا ولكن
قائده العسكري أرسل إليه للحضور أمامه فوراً !
أخبره قائده العسكري أن الجيش التركي أنشأ مدرسة
لتعليم ورعاية الأطفال اليتامى من ضحايا الحرب وأطلق عليها اسم مدرسة أنقرة وكانت
مديرة المدرسة الكورية حاضرة هذا الاجتماع لكي تأخذ معها الطفلة آيلة وطلب الرقيب
سليمان الذهاب معهم كي يطمئن علي حياة آيلة الجديدة ، وذهب مع المديرة وآيلة إلي
المدرسة التركية التي وجدها مكان ممتاز لرعاية الأطفال يتامى الحرب الكورية ، لكن
الطفلة آيلة أجهشت بالبكاء طويلا ورفضت
أن تفارق الرقيب سليمان نهائيا ... حاول سليمان
تقديم أكثر من طلب للسلطات الكورية كي توافق أن يتبنى الطفلة آيلا وتعود معه إلي
تركيا ، لكنهم رفضوا كل طلباته بإصرار !
وفي لحظة يأس قرر سليمان تهريب الطفلة داخل حقيبة
سفر كبيرة وذهب مع الحقيبة الكبيرة وبداخلها آيلة إلي الميناء الذي ستبحر منه
السفينة التركية ، وكاد أن ينجح في خطته بالفعل لولا أنه في اللحظة الأخيرة أحاط
به مجموعة من الجنود الكوريين وأصروا علي فتح الحقيبة الكبيرة التي وجدوا بداخلها
ابنة وطنهم الطفلة آيلة!!
ساعتها قامت القيامة علي سليمان وكاد أن يتم محاكمته
عسكرياً لولا تدخل سلطات عليا عسكرية تركية قامت بتسوية القضية بشرط أن يرحل
الرقيب سليمان فوراً علي أول سفينة تركية عسكرية عائدة للوطن !
طلب سليمان من قائده الميداني في تركيا السماح له
بوداع ابنته آيلة الوداع الأخير ، وفي لحظات لوداع أجهشت آيلة بالبكاء طويلا!
ولكن أبيها سليمان وعدها وعداً صادقاً بأن يعود
للسؤال عنها مهما مرت السنين !
عاد سليمان إلي وطنه حزينا ومما زاد من حزنه أن
حبيبته نوران لم تنتظره وتزوجت رجلا غيره !
ساعتها كان قراره الفوري بأن يختار أهله له
الزوجة المناسبة ، وكانت احدي قريباته واسمها نعمت من نصيبه ، كانت امرأة جميلة
جداً وكانت تحب سليمان منذ زمن طويل .
لاحظت نعمت أن زوجها سليمان دائماً حزين ومهموم ،
وهي كانت تعرف سبب أحزانه الكبيرة ، إنها ابنته الطفلة الكورية آيلا ، صارحت نعمت
سليمان بكل شئ وأنها تعرف قصة الطفلة آيلا بنت الحرب الكورية ، لكنها تريد أن
تسمعها منه هو ؛ بعد أن يحكي سليمان القصة كاملة لزوجته نعمت ، قالت له أنت رجل
عظيم وسوف أساعدك للعثور علي آيلة الضائعة عن طريق المنظمات الإنسانية العالمية
التي اعرفها جيداً .
بالفعل بدأت نعمت اتصالاتها بالعديد من المنظمات الإنسانية
العالمية وكان ذلك في بداية زواجها من سليمان ، الرجل لم ينسي الطفلة آيلة أبداً ،
لكن المنظمات الإنسانية العالمية لم تساعده كثيرا وأعلنت عن عجزها في العثور علي
ابنة الحرب آيلا !!
مرت السنين وراء السنين وكبر سليمان حتي بلغ من
العمر عتيا وهو لا ينسي ابنته آيلا أبداً !
بلغ الرجل من العمر سبعين عاما وهو لا ينسي طفلته
!!
وقع زلزال مرمرة التركي سنة 1999 ونزل الناس إلي
الشوارع وناموا فيها ، وفجأة قام سليمان من مكانه
في الشارع وصعد علي الفور إلي شقته دون خوف من الزلزال ، كان كل همه هو إنقاذ
البوم صوره التاريخية مع طفلته آيلا الكورية ، تلك الصور عمرها نصف قرن بالتمام
والكمال وسليمان لا ينسي آيلا ويصر علي تنفيذ وعده الذي أعطاه للطفلة آيلا بأن
يعود إلي كوريا ليراها مهما مرت السنين !
حادثة زلزال مرمرة جعلت كل المنظمات الإنسانية
العالمية العاملة في كوريا تهتم كثيرا بالشعب التركي وتقف بجانبه لمساعدته رداً للجميل !
ذات يوم فوجئت نعمت زوجة سليمان بأحدي المنظمات الإنسانية
الكورية تتصل بهم وتخبرهم استعدادها التام لمساعدتهم في العثور علي الطفلة الكورية
آيلة الضائعة منذ نصف قرن !!
ذلك هو الفرق الشاسع بيننا نحن المصريين والعرب
وبين تلك الدول الراقية المتحضرة ، هناك يهتمون بالإنسان أولاً هدفهم هو بناء الإنسان أولاً ؛ أما نحن العرب
فهدفنا هو هدم الإنسان العربي وتحطيمه بكل الوسائل ؛؛ حروب أهلية ، مذابح في كل
مكان للإنسان العربي ، استعباد للمواطن والعامل العربي كما نري في السعودية ونظام
الكفيل !!
في أول اجتماع للرقيب سليمان والمنظمة الإنسانية
الكورية سأله المندوبين هل لديه صورة واحدة للطفلة آيلة ، قال لهم سليمان لدي
البوم صور كامل مع ابنتي الغالية الطفلة آيلا !
فرح المندوبين كثيرا بالبوم الصور وقالوا هذا هو
هدفنا الذي سوف يساعدنا كثيرا في الوصول إلي الغالية آيلا !
مرت شهور قليلة وفجأة جاء إلي سليمان الخبر
السعيد الذي كان ينتظره منذ نصف قرن ... لقد
عثرنا علي آيلا!
يا إلهي .. لم يصدق سليمان الخبر .. أيام قليلة
وأخبرته المنظمة بأن هناك دعوة رسمية له ولزوجته لزيارة كوريا الجنوبية ومقابلة
ابنته الغالية آيلا بنت الحرب !
الدعوة كانت من الحكومة الكورية رداً لجميل الشعب
التركي عليهم !
قبل أن يصل سليمان وزوجته للأراضي الكورية عرف
مندوبي المنظمة العالمية الكثير عن آيلا وأنها رفضت أن تعيش عالة علي أحد وكانت
وما زالت تعمل عاملة تنظيف للمدارس الكورية ، وذهب مندوبي المنظمة للقاؤها وعرضوا
عليها البوم صورها مع الرقيب سليمان !
ساعتها أجهشت آيلا بالبكاء قائلة هذا هو بابا
سليمان وهل ينسي أحد أباه ؟!!
بعد أن وصل سليمان وزوجته الي كوريا الجنوبية وجد
العاصمة سيول في تقدم مذهل ، كلها ناطحات سحاب
ومصانع كبري في كل مكان ، ليس قصورا وتماثيل كما يفعل طغاة وجبابرة العالم العربي
المتخلف ليوم الدين !!!
وأخيراً كان اللقاء المثير للرقيب سليمان التركي
مع ابنته آيلا الكورية ، تم اللقاء في احدي الحدائق الكورية الراقية!
كان اللقاء عاصفاً ومثيرا ؛ احتضن سليمان ابنته
آيلا وهي تبكي بشدة قائلة بابا ... بابا !!
التقييم العام للفيلم
قصة الفيلم ـــ
موثرة جدا وإنسانية
موضوع الفيلم ــــــ راقي وهادف .
الإخراج ــــــــــ أكثر من رائع .
الموسيقي التصويرية ـــ راقية جدا جدا جدا .
الممثلين ــــــ
كلهم رائعين ومحترفين .
التصوير ــــــ
صورة مجسمة واضحة جدا جدا .
ذلك الفيلم الراقي لا يستحق جائزة الاوسكار فقط !
بل يستحق جائزة نوبل للسلام بين الشعوب !
أحمد
النجار
كاتب
مصري
تعليقات
إرسال تعليق