قصة قصيرة
ـــــــــــــــــــــ
القلب المطمئن
بقلم
أحمد عبد اللطيف النجار
كاتب عربي
( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ) ... صدق الله
العظيم .
يقول بعض العارفين بالله في دعائهم :
( اللهم ارحمني رحمة تعنني بها عن رحمة سواك
)
تلك هي رحمة الله التي تنزل في قلوب عباده
المؤمنين ، الذين يتقبلون كل تقلبات الدهر بقلوب مطمئنة ، راضية بقضاء الله
ومشيئته ، ولا يصيبهم الضجر والفزع وعدم الرضا بالمقسوم .
فريدة ، فتاة بسيطة لم تحصل علي غير الثانوية
العامة حين تقدم لخطبتها أحد أقاربها .
إنه سعد ، كان فتي طموح في بداية حياته العملية .
لكن اختياره لعروسه لم يعجب أفراد أسرته ،
خاصة أمه !
لكنه أصرّ علي اختياره فريدة لتكون زوجة له .
تقول فريدة :
كان سعد كريماً معي لأقصي الحدود ، وزوجاً
عطوفا رحيما.
بعد شهور قليلة حملت وانشغلت كثيراً بتوجسي
وخوفي من آلام الولادة ، ثم جاءت ساعة الولادة ورزقني الله طفل في غاية الروعة
والبهاء والجمال ، شعره ذهبي اللون ، عيونه خضراء ، وجهه ملائكي مثل البدر في
تمامه .
كانت فرحتنا بطفلنا أسعد كبيرة وتحسنت معاملة
أهل زوجي لي كثيراً بسبب طفلنا الحبيب أسعد وارتاح خاطري من ناحيتهم .
بدأ أسعد يحبو ثم يمشي ثم يجري ، حتي بلغ
عامه الخامس من عمره .
كانت قلوبنا تزداد تعلقا به يوماً بعد يوم ،
وفجأة غاب عنا أسعد للأبد واسترده من لا تضيع عنده الودائع !
كانت الصدمة هائلة علينا جميعاً !
وزاد من أحزاني أن أهل زوجي لم يرحموا ضعفي
وهواني وفجيعتي في ابني الوحيد !
بدأوا يرددون علي مسامع زوجي أن زواج الأقارب
هو السبب ، ولابد أن يتخلص مني حتي لا تتكرر
المأساة مرة ثانية !
بدأ زوجي سعد يتغير في معاملته معي بسبب تلك
الأقاويل الظالمة !
وكان قراري أن أعوّضه بمولود جديد ، وحملت
بمشيئة الله
، واعتنيت كثيرا خلال فترة الحمل بصحتي ،
ورزقنا الله طفل
آخر رائع مثل أخيه رحمه الله .
بل وأكثر جمالاً منه .
سعدت قلوبنا كثيراً بالمولود الجديد ،
وضاعفنا من عنايتنا به ، وبدأ يحبو ثم يمشي ثم يجري ويملأ الدنيا مرحاً ولعب حولنا
.
مرت السنوات سريعاً وبدأنا نستعد لدخوله
الحضانة حين يكتمل عامه الخامس ، وفجأة غاب عنا ولحق بأخيه وتكررت نفس الفجيعة
والمأساة !
في تلك الظروف الصعبة بدأ زوجي سعد يردد
أمامي كلام أهله عن أنني السبب في ذلك ، وأن زواج الأقارب هو المسئول عن كل مآسينا
!
بل وبدأ يهددني ويتوعدني إذا كررت تجربة
الحمل والولادة مرة ثالثة !
استمر الحال هكذا شهور طويلة ، ولم أعد احتمل
ذلك الوضع ؛ فتركت البيت باكية حزينة ، وعدت إلي بيت أهلي مذبذبة الفكر والقلب !
ماذا أفعل ؟!
هل أنفذ تعليمات زوجي بعدم الحمل والإنجاب
مرة أخرى ؟
أم أفقده للأبد ؟!!
فجأة اكتشفت وأنا في بيت أهلي أنني حامل ،
وكان قراري النهائي هو الاحتفاظ بالجنين
مهما كان الثمن !
بقيت في بيت أسرتي ووضعت طفلة رائعة الجمال
مثل أخويها الراحلين .
خفت عليها من المصير المحتوم ، وهو الرحيل
بعيداً عني !
عدت إلي زوجي الحبيب رغم كل ما حدث ، بعد أن
تحركت عاطفة الابوه لديه .
عشنا معاً في هدوء وسلام ، واقتربت المرحلة
الحرجة من عمر ابنتا الغالية آية !
وبفضل الله عاشت آية وحمدنا الله علي فضله
وعطاياه .
دخلت آية المدرسة ، والله يوم دخولها المدرسة
وعندما ارتديت المريلة ؛ ساعتها هطلت دموعي الغزيرة من قلبي قبل عيوني !
وسجدت لله شاكرة نعمته علينا ، ثم رزقنا الله
بولدين آخرين ، حامد وعابد ، حمداً لله علي رحمته بعباده المؤمنين .
كبرت آية ودخلت الجامعة وكبر أخويها حامد
وعابد بفضل الله ورحمته .
ونعيش الآن في قمة السعادة وطمأنينة القلب
الراضي بقضاء الله وقدره .
ـــــــــــــــــــــــــ والحمد لله رب
العالمين ــــــــــــــــــــــــــ
أحمد عبد اللطيف النجار
كاتب عربي
تعليقات
إرسال تعليق